طريق نحو «قرية نموذجية» تتحول إلى مقبرة للحرفيين بفاس

لا حديث وسط الحرفيين في قرية «بنجليق»، التي تقدم على أنها «نموذجية»، سوى عن حادثة سير مروعة شهدتها الطريق الرابطة بين المدينة والقرية، زوال يوم أول أمس الأربعاء، أسفرت عن وفاة حرفي أب لثلاثة أطفال، وأصيب خلالها حرفيان آخران بجروح متفاوتة الخطورة نقلا على إثرها إلى المستشفى الجامعي لتلقي العلاجات.
ورغم أن الطريق المعبدة التي تفصل القرية عن مقاطعة «جنان الورد» بحوالي 5 كيلومترات رصدت لها مبالغ مالية كبيرة، واعتمادات للإصلاح وإعادة الإصلاح، فإن وضعيتها تتعرض دائما للتدهور بسبب وضعية التربة غير الملائمة. وسبق للحرفيين الذين استفادوا من بقع بالقرية أن طالبوا بتوفير وسائل النقل العمومية في اتجاه ورشاتهم، لكن دون جدوى. ويفرض عليهم هذا الوضع قطع المسافة، ذهابا وإيابا، سيرا على الأقدام للوصول إلى محلاتهم، وبعضهم يستعين بدراجات ثلاثية العجلات. وكانت إحدى هذه الدراجات السبب الرئيسي في حدوث فاجعة يوم أول أمس الأربعاء، في وسط الحرفيين.
وفي كل مرة يتوفى فيها أحد «المعلمين» المتخصصين في الخزف والفخار في القرية النموذجية، التي أحدثت بمنطقة بعيدة عن مدينة فاس تتبع لجماعة سيدي حرازم، فإن أسرا بأكملها تتعرض للضياع والتشرد، في غياب أي حماية اجتماعية لهؤلاء الصناع. وهذا ما حدث للحرفي هشام  بركات، الذي خلف وراءه ثلاثة أطفال وزوجة، بينما يواجه الحرفيان الآخران مصيرا مجهولا قد تنجم عنه إعاقة بسبب الإصابات التي لحقت بهما.
وقالت المصادر إن الضحية، بعد انتهائه من العمل، وكما هي عادته كل يوم، توجه إلى مدخل القرية بحثا عن وسيلة نقل للعودة إلى منزله، وبعد بضع دقائق من الانتظار، استوقف صاحب دراجة نارية بثلاث عجلات كان برفقته شخص آخر. ونظرا لسوء وضعية الطريق انقلبت الدراجة النارية التي كانت تسير بسرعة وهوت في أسفل قنطرة بعمق خمسة أمتار. وقالت المصادر إن هذه الحادثة المميتة تعد رابعة حادثة سير مهولة شهدتها هذه الطريق التي تفتقر للتشوير والإنارة العمومية وبها منعرجات خطيرة، في ظرف لا يتجاوز سنتين.
يذكر أن إحداث هذه القرية للحرفيين يرمي إلى الحد من التلوث البيئي والمساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية. وتمتد القرية على مساحة تقدر بـ27 هكتارا تضم 197 بقعة، بتكلفة مالية إجمالية بلغت 33 مليون درهم، منها 7 ملايين درهم لتعبيد الطريق المؤدية إلى المشروع من طرف وزارة التجهيز.